بارولين يدعو إلى تكاتف الجهود للتوصل إلى سلام عادل ودائم، ويقول لا للإملاءات الأحادية الجانب
في المقابلة الصحفية تناول الكاردينال بارولين باقة من المواضيع الآنية من بينها الهدنة بين إسرائيل وحماس، الحرب في أوكرانيا، الوضع في سورية، الحضور المسيحي في الشرق الأوسط، السلام في العالم، بالإضافة إلى واقع الكنيسة اليوم والآمال المعلقة على هذه السنة اليوبيلية. في سياق حديثه عن وقف إطلاق النار في غزة، والذي لم يُحترم بعد بالكامل، تمنى المسؤول الفاتيكاني أن يصبح دائما ونهائياً في أقرب فرصة ممكنة، لكي يوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني في القطاع وفي باقي أنحاء فلسطين أيضا. واعتبر أنه من الأهمية بمكان أن تُعطى اليوم مؤشرات للأمل من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. أما فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة في سورية رأى بارولين أن ثمة حاجةً لندرك ما هو الاتجاه الذي تسير فيه البلاد اليوم، مع التشديد في الوقت نفسه على ضرورة مرافقة البلد العربي في المسيرة التي تقود نحو الاشتمال والتعايش المتناغم. وأمل نيافته أيضا أن تساعد الجماعة الدولية، لاسيما بلدان الجوار، سورية في الحفاظ على وحدة أراضيها، وأن تقدم الدعم للسكان الذين يعيشون أوضاعاً من الفقر نتيجة الحرب خلال السنوات الماضية. لم تخل كلمات أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان من الحديث عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية الصعبة الراهنة في الشرق الأوسط، والتي تحمل على طرح تساؤلات بشأن دور المسيحيين المحليين، وأكد في هذا السياق أن المسيحيين في المنطقة ليسوا أقلية، بل هم مكون أساسي وجوهري ساهم دوماً وما يزال يساهم في تقدم تلك البلدان. أما بالنسبة للأرض المقدسة، فاعتبر نيافته أن كل مسيحي يجب أن يتمكن من الوصول إلى تلك الأماكن بحرية وبدون أي قيود، وهذا الأمر ينسحب أيضا على المواقع المقدسة في مصر، لبنان، سورية والأردن. في معرض حديثه عن أوكرانيا، قال المسؤول الفاتيكاني إن جميع الأطراف قادرة على الإسهام في تحقيق السلام، لكن الحلول لا يجب أن تتحقق من خلال إملاءات أحادية الجانب، وحذّر من مغبة انتهاك حقوق شعوب برمتها، وهذا الأمر يحول دون بلوغ سلام عادل ودائم. وأكد في هذا السياق أن النشاط الدبلوماسي يحتاج إلى مقاربة تتخطى منطق الصدام وتعزز الحوار الاشتمالي والصبر وبناء الثقة بين الأطراف. من هذا المنطلق اعتبر بارولين أنه لا بد من وضع ثقتنا في مبدأ تعددية الأطراف ولا بد من تعزيز دور المؤسسات الدولية. وذكّر نيافته بأن صنع السلام يتطلب شجاعة، كما قال البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة، ويقتضي أيضا العدالة والمغفرة، وهذه القيم الثلاث – أضاف بارولين – تبدو اليوم غائبة عن مجتمعاتنا المعاصرة. بعدها توقف أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عند أبرز التحديات التي تواجهها اليوم القارة الأوروبية، ومن بينها تحديات ثقافية وتجارية، وذكّر بنداء البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي دعا القارة القديمة لإعادة اكتشاف نفسها. واعتبر الكاردينال بارولين أن ثمة مؤشرات مشجعة، على الرغم من انتشار الإلحاد والشعبوية والأمية الدينية، شأن طلب العديد من الشبان في فرنسا نيل سر العماد، مذكراً بالدور الواجب أن يلعبه المؤمنون الكاثوليك في المجتمعات الأوروبية، بواسطة شهادتهم وإيمانهم ورجائهم ومحبتهم، كي يبقى الإنجيل آنيا. هذا ثم سُئل نيافته عن أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه العلمانيون، لاسيما النساء، في حياة الكنيسة، وقال إن هذا الدور يجب أن يلقى تطبيقاً ملموساً في كل المجالات الكنسية، بدءا من الرعية. وفي معرض حديثه عن اليوبيل شدد على ضرورة أن تكون هذه السنة زمناً للمصالحة، لأنها تدعو المؤمنين إلى التوبة عن الخطايا وإلى الارتداد. لذا – ختم الكاردينال بارولين حديثه قائلا – إن السنة اليوبيلية يجب أن تكون مسيرة يومية، تتطلب إعادة اكتشاف معنى الخطية واختبار المغفرة المحررة التي يمنحها لنا الرب، خصوصا بواسطة سر التوبة. |