ҽ

البابا فرنسيس يزور جامعة اللاتيران الحبرية ٢٦ آذار مارس ٢٠١٩ البابا فرنسيس يزور جامعة اللاتيران الحبرية ٢٦ آذار مارس ٢٠١٩   (Vatican Media)

البابا فرنسيس يوجه رسالة لمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية لجامعة الدراسات في باليرمو الصقلية

الجامعة كفسحة يتحقق فيها ما يصعب اختباره في مناطق أخرى مثل لقاء الأجيال والتبادل فيما بينها، الانفتاح والعمل معا والكون جماعة في تنوع. كان هذا من بين ما تحدث عنه البابا فرنسيس في رسالة وجهها إلى رئيس أساقفة باليرمو لمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية لجامعة الدراسات في باليرمو الصقلية.

لمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية لجامعة الدراسات في باليرمو الصقلية وجه البابا فرنسيس رسالة إلى رئيس أساقفة باليرمو المطران كورادو لوروفيتشي. وبدأ الأب الأقدس الرسالة مشيرا إلى أنها موجَّهة إلى جماعة جامعة الدراسات بكاملها ليتمنى من خلالها للجميع ولكل فرد فرح البدايات الجديدة. وتابع البابا في الرسالة، التي قُرئت خلال الاحتفال بافتتاح السنة الأكاديمية السبت ٨ شباط فبراير، مشيرا إلى أن الكثير من النشاطات قد عاد إطلاقها بالفعل بينما يشترك الجميع في هذا الاحتفال الرسمي، وأضاف أن كل بداية جديدة هي وعد حيث هناك وقت إضافي وصفحات أخرى يجب سطرها بعد، وهناك مكان لكل واحد.

تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن الجامعة بشكل عام فقال إن المستقبل لا يهبط علينا كقدر مكتوب، ومن هذا المنطلق فإن الجامعة التي توجد في قلب مدينة هي من بين الأماكن الأكثر أهمية من أجل إعداد هذا المستقبل معا. فداخل الجامعة، تابعت رسالة الأب الأقدس، يتم تحقيق ما يصعب اختباره في أماكن أخرى، أي اللقاء بين الأجيال والتبادل بينها والسير قدما بالأبحاث في مواضيع كثيرة، وأيضا التواجد المشترك لحساسيات ثقافية وسياسية ودينية مختلفة، التداخل بين الواقع المحلي والدولي، النمو الشخصي مرورا بالنجاحات والإخفاقات، المواهب والضعف. ووجه البابا فرنسيس حديثه إلى أعضاء جماعة الجامعة مشيرا إلى أن المدينة بكاملها يمكنها الاستفادة من وعيهم بكونهم جماعة كبيرة في التنوع، وهذا هو أكثر ما ينقص في التعايش المعاصر والذي يجرحه استقطاب متعاظم لوجهات النظر، كتب قداسته. ففقط معا يمكن حماية الواقع وقراءته، وفقط معا يمكن أن نسكنه. وكي لا يكون هذا مجرد شعار بل خبرة هناك عمل كبير يجب القيام به، قال البابا فرنسيس، وشدد على أن حتى أفضل الأفكار حين نفصلها إحداها عن الأخرى فإنها تنفصل عن الحياة وتصبح مجرد رايات تدفع إلى المواجهة. الجامعة في المقابل، تابع الأب الأقدس، تشير إلى الجمع الذي يشمل حتى ما هو في تضاد، إنه تصرف يطبعه الذكاء قبل أن يطبعه الصلاح. فالتفهم يعني القبول والابتعاد عن الأحكام، الاستضافة، قال قداسة البابا وأضاف أن بدون الانفتاح فإن العقول والقلوب وكل الأوساط البشرية تفسد. إلا أن الخوف يؤثر أيضا على الأشخاص الأكثر معرفة ويسبب الغيرة والتنافسية والتشدد، ويعني هذا أننا في حاجة إلى نزاهة قوية على الصعيدين الشخصي والمؤسساتي إن أردنا تحرير البدايات الجديدة من الخطابة والرياء، وكي تكون الغلبة للوحدة على النزاع وللخير العام على الأهداف الشخصية والمصالح الخاصة. وشدد البابا من جهة أخرى على أنه سيكون هناك رجاء حيثما تتوفر الفسحة للعدالة وحين يتمكن الشباب من أن يكونوا روادا وذلك بشكل خاص من خلال دراسة لا تفصلهم عن الواقع بل تغمسهم فيه.

وفي حديثه عن العلاقة مع الواقع توقف البابا فرنسيس عند الأهمية الخاصة للمكونات المبعَدة أو المقصية في هذا الواقع، وأشار هنا إلى أن هذه المكونات تتمثل غالبا في أشخاص لا يتوجهون إلى الجامعة أو في أحياء وفئات اجتماعية أصبحت غير مرئية. وواصل أننا غالبا ما لا نأخذ بعين الاعتبار قيم هؤلاء الأشخاص ووجهات نظرهم بينما تُفهم قضايا الحاضر والمستقبل الكبيرة بشكل أكبر من الهوامش أكثر منها من مراكز البحث والسلطة. تحدث البابا فرنسيس بالتالي عن أهمية تأثر المعارف والمفاهيم وتشابك التخصصات والقدرة على جذب العقول فقال إنها تتوقف كلها بجزء كبير على شجاعة أن نكون في خدمة المدينة، وذلك بخروج كل واحد من الفسحات الشخصية والمؤسساتية المريحة. وهكذا يتم الانتقال، حسبما ذكر قداسته في الرسالة، مما وصفه بالشغف الحزين إلى ذلك الفرِح، وتتقد الفطنة وتنفتح الدراسة والحياة إحداهما على الأخرى ويجد الجديد فسحة بينما يتراجع اليأس. وأراد البابا فرنسيس التذكير في هذا السياق بالشهيدين روزاريو ليفاتينو والأب بينو بولييزي والكثير من الشهود الذين أناروا باليرمو وصقلية بمعارفهم، ووصف الأب الأقدس هؤلاء برمز للبدايات الجديدة التي يمكن لكل منكم، كتب البابا، أن يساهم فيها بمواهبه.

وتابع الأب الأقدس رسالته مشيرا إلى رغبته في أن يترك للمشاركين في هذا الاحتفال كلمة يبدو أنها تسير عكس التيار، وأضاف أنه يتحدث عن تصرف مَيز لقرون ثقافات البحر المتوسط: البطء. وواصل البابا أن جاذبية التقنيات منغمسة في السرعة وأن ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي يغرينا بإمكانياته، بينما تستدعي القراءة على العكس بطءً لم يَعُد ممكنا لمن يَدرس بل ولا حتى لمن يُدَرِّس. الفهم يتطلب البطء، كتب البابا فرنسيس، وهو ما أصبح صعبا أمام التركيز على مؤشرات النتائج. وسلط قداسته الضوء هنا على أن النمو في حد ذاته هو عملية بطيئة ولا يسير بشكل متجانس، فالإخفاقات وأيضا الأخطاء هي أساسية في البحث عن الحقيقة. التغيير أيضا يحتاج إلى البطء، واصل الحبر الأعظم، وذلك سواء كنا نتحدث عن نمونا نحن أو نمو مدننا أو العالم بأسره. وشدد البابا على أن هذه أهداف لا يمكننا التنازل عنها، فعليها يقوم ذكاء الإنسان الذي لا يمكن اختزاله إلى خوارزميات أو عمليات منطقية. وتابع البابا أن البحث عن الخير هو جزء من الذكاء البشري وأن لا أحد يمكنه أن يحتكر الخير العام أو مقاييسه، فالخير العام يتم السير نحوه خطوة تلو الأخرى وذلك فقط معا، وهذا هو الوعد غير المكتوب لكل بداية جديدة.

09 فبراير 2025, 20:58