الكاردينال زوبي: المعاناة التي تسببها الحروب تدوم إلى الأبد
في عظته أثناء القداس قال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ورئيس أساقفة بولونيا الكاردينال ماتيو زوبي إن المؤمنين يسألون الله بإصرار أن تنتهي الحرب في أوكرانيا وأن تنعم البلاد بسلام عادل ودائم، مع العلم أن البابا فرنسيس أسند إلى نيافته مهمة البحث عن دروب ممكنة للسلام، وتسهيل عودة الأطفال الأوكرانيين من روسيا وتبادل الأسرى ورفات الضحايا بين الجانبين الروسي والأوكراني. ومن بين المشاركين في القداس الإلهي، فضلا عن سيدة أوكرانيا الأولى أولينا زيلينسكا، نجلة رئيس الجمهورية الإيطالية لاورا ماتاريلا، وسفير أوكرانيا لدى الكرسي الرسولي أندري يوراش، بالإضافة إلى مؤسس سانت إيجيديو البروفيسور أندريا ريكاردي، ورئيس الجماعة ماركو إيمبالياتسو. مما لا شك فيه أن عظة الكاردينال زوبي تمحورت حول قضيتَي السلام والعدالة وقال إن هذين المفهومَين متصلان ببعضهما البعض، لا بل يشكلان كياناً واحدا، إنهما كشقيقين يتعاونان مع بعضهما ويحميان بعضهما. وذكر بأن فترة ألف يوم مضت على اندلاع الحرب في أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط فبراير ٢٠٢٢ مشيرا إلى أن هذه الفترة الزمنية كانت عاصفة لكنها شهدت أيضا تضامناً أخوياً استثنائياً، استمر في النمو ولم يتعب أبداً، بل على العكس، ازداد عزماً وإصراراً. ولفت نيافته إلى أن تاريخ الشعب الأوكراني، خلال العقود الماضية، تميّز بالآلام الكبيرة والتي واجهها الأوكرانيون بصمود استثنائي. الكاردينال زوبي، الذي زار العام الماضي كلاً من كييف وموسكو موفداً خاصاً من قبل البابا فرنسيس، أكد أن الحروب تطول دائماً ولا تنتهي خلال فترة قصيرة، والآلام والمعاناة التي تسببها تدوم إلى الأبد، بيد أن الليل يطلب النهار، والألم يطلب التعزية، والثأر يطلب المغفرة والظلام النور والحقد المصالحة. وأضاف أن عتمة الليل الحالكة تدعونا إلى الإيمان بالنور، خصوصا عندما يبدو كل شيء من حولنا مظلما، مذكراً بكلمات البابا الراحل بندكتس السادس عشر الذي كان يقول إن نور الفجر يسطع دائماً وسط عتمة الليل الحالكة. في ختام القداس الإلهي كانت كلمة لسفير أوكرانيا لدى الكرسي الرسولي أندري يوراش الذي شاء أن يسلط الضوء على التضحيات الكبيرة التي قدمها الأوكرانيون خلال ألف يوم، لافتا إلى أن تلك المعاناة نجمت عن أكبر مأساة تشهدها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وذكّر الدبلوماسي الأوكراني بأن بلاده تحتفل في الحادي والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر من كل عام بيوم الكرامة والحرية لتتذكر حدثين هامين في تاريخها الحديث: الثورة البرتقالية عام ٢٠٠٤ وثورة الكرامة عام ٢٠١٣. وأضاف أنه في الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر يُحيي الأوكرانيون أيضا ذكرى الـ"هولودومور"، أي المجاعة التي سببها نظام ستالين بين عامي ١٩٣٢ و١٩٣٣ وأسفرت عن موت أكثر من ستة ملايين أوكراني. ولم تخل كلمة السفير من توجيه الشكر إلى الكرسي الرسولي وإلى البابا فرنسيس على الدعم المقدّم لأوكرانيا وقال إنه لا يوجد أي زعيم عالمي، أو مرجع روحي يتحدث عن أوكرانيا أكثر مما فعل البابا فرنسيس خلال الأيام الألف الماضية وما يزال مستمراً في ذلك. بعد كلمة السفير الأوكراني، خاطبت الحاضرين السيدةُ الأولى أولينا زيلينسكا التي قالت إنه من الصعب أن نتصور أن أكثر من ألف يوم مضت على بداية الحرب في أوكرانيا، واصفة إياها بأكبر حرب تشهدها القارة خلال القرن الحادي والعشرين، وهي عبارة عن غزو روسي لأوكرانيا، على نطاق واسع. وأضافت أن ما يجري اليوم هو عبارة عن مواجهة البشرية للعنف، والعدالة للتسلط. هذا ثم شكرت السيدة زيلينسكا رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال زوبي على الجهود التي يبذلها من أجل عودة الأطفال الأوكرانيين المحتجزين في روسيا، ومن أجل تسليم رفات الجنود الأوكرانيين الذين سقطوا في أرض المعركة. ولفتت إلى أنها ممتنة جداً لكل ما يقوم به البابا دعماً للشعب الأوكراني، مذكرة بالنداء الذي أطلقه فرنسيس يوم الأربعاء الفائت، خلال مقابلته العامة مع المؤمنين، وقالت: "من المعزي أن نسمع كلماتٍ تعبر عن الدعم الروحي، ما يشعرنا بأننا أكثر قوة". وأضافت في هذا السياق أن أوكرانيا ممتنة لكل الزيارات التي قام بها ممثلو الكرسي الرسولي إلى أراضيها، الذين – وعلى الرغم من المخاطر – يأتون إلى أوكرانيا كي يشاهدوا الحقائق بأم العين ويساهموا في انتصار الخير والإنسانية. وختمت سيدة أوكرانيا الأولى كلمتها مؤكدة أن بلادها تريد سلاماً عادلاً ودائماً، ترتكز مبادئه إلى مبادئ القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة. |